أعلن الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية أن إسرائيل لا تملك الحق في التدخل في القرار المصري بفتح معبر رفح البري الحدودي مع قطاع غزة بشكل دائم، والذي يعد المنفذ الوحيد لغزة إلى العالم الخارجي الذي لا تتحكم فيه إسرائيل.
وفي ما بدا أنه رد على تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن قلق حكومة إسرائيل من هذه الخطوة المصرية المرتقبة التي أحجم عنها نظام حسني مبارك، قال عنان في تصريح له نشره على صفحته على الفيس بوك "ليس لإسرائيل حق التدخل في قرار فتح معبر رفح فهذا شأن مصري فلسطيني".
كما وجه عنان الشكر للمخابرات المصرية لنجاحها في عملية إنهاء الانقسام الفلسطيني والتوصل لاتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس ينتظر أن يوقع رسميا الأربعاء المقبل في القاهرة.
وبعد رعايتها لهذا الاتفاق، تستعد مصر لفتح الحدود مع غزة بشكل دائم عبر معبر رفح لتخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
وصرح قبل يومين وزير الخارجية المصري نبيل العربي لقناة الجزيرة الفضائية أن معبر رفح بين قطاع غزة ومصر "سيفتح بشكل كامل" من أجل تخفيف الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.
وقال العربي إن مصر "ستتخذ خطوات مهمة تساعد على تخفيف حصار قطاع غزة خلال الأيام القليلة المقبلة" مؤكدا أن "مصر لن تقبل ببقاء معبر رفح مغلقا" و" لن تتجاهل المعاناة الإنسانية لسكان القطاع". وتوقع أن "تتغير الأوضاع في غزة جذريا" واصفا إغلاق المعبر بأنه "أمر مشين".
ومنذ أن أجبرت ثورة 25 يناير الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي في 11 فبراير الماضي، خففت السلطات المصرية الجديدة الإجراءات المفروضة على معبر رفح الذي لم يكن يفتح في عهد مبارك إلا بضعة أيام كل شهر. وبرر نظام مبارك هذا الموقف من أهالي القطاع باعتبارات "قانونية دولية!" وبحرصه على "مكافحة الإرهاب"! ما عرضه لانتقادات شعبية حادة واتهامات بالتواطؤ مع الحصار الإسرائيلي لرفضه إبقاء المعبر مفتوحا.
وأدت هذه السياسة إلى توتر العلاقات بين مصر وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وكانت مصر تحملها مسؤولية تعطيل أي اتفاق للمصالحة مع السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس.
وفرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة في 2006 عززته في السنة التالية بعد سيطرة حركة حماس على السلطة.
ومنذ 2007 اعتمد سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1,5 مليون نسمة على شبكة من الأنفاق تحت معبر رفح للحصول على معظم احتياجاتهم.
وقد حققت مصر ما بعد مبارك التي تسعى لاستعادة دور إقليمي تآكل في ظل النظام السابق، أول نجاح دبلوماسي لها برعايتها لاتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس.
وبعد مفاوضات استمرت أكثر من عام ونصف العام وبدت غير مجدية، أعلنت الحركتان الفلسطينيتان الرئيسيتان الأربعاء في القاهرة توصلهما إلى مصالحة وهو تطور يرجع أساسا إلى عودة التوازن للسياسة الخارجية المصرية.
ترحيب فلسطيني وقلق إسرائيلي
ورحبت السلطة الفلسطينية وحماس باعتزام مصر فتح معبر رفح.
وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس "نرحب بهذه الخطوة. نحن نضغط منذ فترة طويلة لإنهاء معاناة سكان غزة".
ورحب أيضا القيادي في حركة "فتح" حازم أبو شنب بالخطوة التي تعتزم مصر اتخاذها بشأن فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين بشكل دائم .
وقال أبو شنب ـ في تصريح خاص لراديو "سوا" الأمريكي إن أي خطوة تتخذها مصر من شأنها تخفيف عبء الحصار المفروض على قطاع غزة موضع احترام وتقدير من الفلسطينيين، مضيفا أن تلك الخطوة ستساعد الشعب في البقاء والصمود أطول وقت ممكن أمام التعنت والاحتلال الإسرائيلي.
وفي غزة أكد مدير هيئة المعابر والحدود في حكومة حماس حاتم عويضة "أهمية هذا القرار الذي يأتي في ظل حركة نشطة للمسافرين والمعاناة المستمرة نتيجة تحديد عدد أيام العمل والمسافرين يوميا".
ودعا إلى "ضرورة تفعيل المعبر التجاري الفلسطيني المصري"، موضحا أن "حجم التبادل التجاري المفروض على قطاع غزة مع الجانب الإسرائيلي يتجاوز مليار وسبعمائة مليون دولار سنويا والأفضل أن يكون هذا التبادل مع دول عربية وإسلامية بدلا من الاحتلال".
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الجمعة أن وتيرة المرور في معبر رفح ثابتة في الأيام الأخيرة وهي أحد عشر ألف دخول إلى مصر (مرضى وطلاب في مصر وحاملو جنسيات أجنبية) و10 آلاف و925 مغادرة إلى غزة.
في المقابل، أعرب مسئول إسرائيلي ـ رفض الكشف عن أسمه ـ في تصريح لراديو إسرائيل عن قلق إسرائيل من اعتزام مصر إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم، موضحا أن تل أبيب لا تشعر بارتياح من التطورات في مصر والأصوات التي تدعو إلى إلغاء معاهدة السلام من خلال التقارب مع إيران ورفع مستوى العلاقات بين مصر وحماس.
ونقلت إذاعة صوت إسرائيل، الإذاعة الرسمية للدولة، تصريحات مسئول إسرائيلي كبير، حذر فيها من اعتزام مصر الاهتمام بقطاع غزة وتحسين علاقاتها مع حركة حماس على حساب إسرائيل وأمنها، معتبرا أن ما تقوم به القاهرة خلال الفترة الأخيرة تجاه الفلسطينيين وتبنيها لاتفاق المصالحة بينهم، قد يؤدى إلى تداعيات إستراتيجية على أمن إسرائيل القومي.
كما أعرب المسئول الإسرائيلي عن قلقه البالغ إزاء قرار مصر بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الأيام القليلة القادمة لتخفيف الحصار على القطاع المحاصر، وانتقد ما قامت به الخارجية المصرية خلال الأيام الماضية، لموافقتها على إدخال مواد غذائية ومستلزمات طبية ومواد البناء للفلسطينيين في قطاع غزة.
من جانب آخر، أكد الكاتب والمحلل الإسرائيلي تسيفي بارئيل، في صحيفة "هاآرتس"، أن مصادر أبلغته أن ما تقوم به مصر في الوقت الحالي، من تبنى المصالحة بين حركتي فتح وحماس، واهتمامها بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين، ما هو إلا خطوات تسبق ما تسعى إليه الإدارة المصرية من انتزاع اعتراف الدول الغربية والإدارة الأمريكية بدولة فلسطينية يتم إعلانها والاعتراف بها.