ارتفع عدد قتلي المظاهرات التي إندلعت اليوم عقب صلاة الجمعة الي اكثر من 65 قتيلا ومئات الجرحي.
كما تظاهر الالاف في العاصمة دمشق وفي عدد من المدن السورية الجمعة مطالبين باسقاط النظام ووقف احتكار حزب البعث للسلطة وارساء نظام سياسي ديمقراطي.
وقال شهود عيان ان قوات الأمن السورية اطلقت الجمعة الغاز المسيل للدموع على جموع المتظاهرين في وسط دمشق ، وكان هناك مئات يجمعون صفوفهم وردد المتظاهرون هتاف الشعب يريد اسقاط النظام .
وذكر شهود عيان من درعا جنوب سوريا في اتصال هاتفي مع وكالة "فرانس برس" ان "بين سبعة وعشرة آلاف متظاهر خرجوا من جميع الجوامع باتجاه ساحة السرايا في مركز مدينة درعا".
واشار الشهود الى ان المتظاهرين رددوا هتافات تطالب "بحل الاجهزة الامنية واسقاط النظام".
كما رددوا هتافات تدعو الى "الغاء المادة الثامنة من الدستور" التي تنص على ان "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة".
وفي حمص ، قال محمد عبدالرحمن ، طبيب اسنان، لقناة "الجزيرة" ان المساجد في المدينة تنادي عبر مكبرات الصوت عن سقوط اول شهيد اليوم عقب صلاة الجمعة برصاص قوات الأمن.
واضاف عبدالرحمن ان عدد من الجرحى سقطوا بنيران قوات الأمن في المدينة ، حيث بدأ المصابين في التوافد على المستشفى العسكري في حمص.
وذكرت "رويترز" أن ثلاثة جرحى سقطوا على الاقل جراء اطلاق القوات السورية النار على متظاهرين في دوما قرب دمشق.
وبدوره ، قال اكثم نعيسة رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في سوريا لقناة "الجزيرة" ان اكثر من 10 آلاف متظاهر في مدينة السلمية في محافظة حماة يطالبون بالحرية.
وأطلقت القوات السورية النار على متظاهرين في مدينة حماة لمنعهم من الوصول إلى مقر حزب البعث في المدينة.
وقالت وكالة "فرانس برس" إن شخصين، على الأقل، اصيبا جراء ذلك.
وبثت قناة "الجزيرة" لقطات حية تظهر احتشاد الالاف في مدينة بانياس الساحلية غرب سوريا وفي القامشلي وعامودا والكسوة ، وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط النظام ورحيل الأسد ، ودعا المتظاهرون جموع الشعب السوري الى الانضمام اليهم ، حيث رددوا "انزل انزل".
وفي أول بيان مشترك منذ تفجر الاحتجاجات قبل خمسة أسابيع قالت لجان التنسيق المحلية التي تمثل مختلف محافظات سوريا ان تحقيق شعارات الحرية والكرامة لن يتسنى الا من خلال التغيير الديمقراطي السلمي.
وطالب البيان المشترك بالافراج عن كل سجناء الضمير وبتفكيك الجهاز الامني الحالي واستبداله باخر ذي اختصاصات قانونية محددة ويعمل وفقا للقانون.
"الجمعة العظيمة"
وتأتي تلك التظاهرات بعد دعوة مجموعة تطلق على نفسها اسم "الثورة السورية" الى التظاهر اليوم في يوم "الجمعة العظيمة" من اجل نيل الحرية.
واوضح المنظمون على صفحتهم على "فيس بوك" ان "هذه الجمعة سميت بالجمعة العظيمة وذلك بناء على طلب الشباب في سوريا وفاء لاهلنا مسيحيي درعا وحمص والبيضة وكل سوريا البواسل الذين سقط منهم العشرات من الجرحى مع المسلمين في تظاهرات الحرية والكرامة".
واضافوا: "نحن شعب واحد، كلنا سوريون ولن يستطيع النظام الظالم أن يفرقنا رغم كل محاولاته المستميتة".
كما دعا المنظمون الى التظاهر من اجل "البسمة التي خسرناها وكرامتنا اللي سرقوها منا".
وكتبوا على موقع "الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011" : "إلى كل المتظاهرين اليوم، الرجاء الانتباه للنقاط التالية: حمل لافتات بارزة عليها عبارات واضحة بالمطالب العادلة التي تنادي بها الثورة ، تنظيف طريق المظاهرة من الصور والتماثيل ، البخ على جنبي الشارع بالدهان على الجدران وعلى الارض عبارات تؤيد الثورة ومطالبها ، التوثيق بالصور والفيديوهات التي تكون بدرجة مناسبة من الوضوح.. الهتافات الموحدة والتي تطالب بمطالب الثورة، التأكيد على سلمية التظاهرات".
وعلى اثر تلك الدعوات ، ألغت الكنائس في مختلف أنحاء البلاد القداس الذي كان من المقرر أن يقام في الهواء الطلق اليوم ، على ان يقام قداس للاقليات المسيحية داخل الكنائس.
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن شهود عيان قولهم ان الجيش السوري انتشر خلال الليل في مدينة حمص وذلك قبل الاحتجاجات المتوقعة بعد صلاة الجمعة تطالب بالحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد .
وقال ناشط حقوقي ان شاحنات تحمل الجنود ومركبات مجهزة بالمدافع الالية شوهدت على الطريق السريع بين دمشق وحمص وسط سوريا.
وقال الشهود أيضا ان جنودا في مجموعات من خمسة تقوم بدوريات في شوارع حمص سيرا على الاقدام خلال الليل وكان شرطة الامن الذين يرتدون ملابس مدنية وشرطة الامن الذي يرتدون زيا مموها حاضرين أيضا.
تحد خطير
وفي سياق ردود الفعل الدولية على ما يحدث في دمشق ، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر أن السوريين وضعوا الرئيس بشار الأسد ونظامه أمام تحد خطير بمطالبتهم بالتغيير، ولا يبدو حتى الآن أنه استجاب لهذا التطلع، مما ينذر بمزيد من التظاهرات الاحتجاجية اليوم الجمعة.
وعن مستقبل الأسد، قال تونر في مؤتمر صحفي "فيما يتعلق بمستقبله، يبدو جليا أنه يتوجب عليه أن يفعل المزيد، أو أن يسمح لآخرين بفعل ذلك"، لافتا إلى أن الأسد لا يظهر تجاوبا مع مطالب الشعب حتى الآن.
وردا على سؤال حول احتمال أن تؤدي الاحتجاجات إلى الإطاحة بالنظام في سوريا، أجاب تونر "بالتأكيد إنه يواجه تحدياً خطيراً هو وحكومته من خلال تعبير الشعب السوري عن تطلعاته، ومطالبته برؤية التغيير يحدث في البلاد، ولكن لا يبدو أنه يتجاوب مع هذه التطلعات حتى الآن".
وفي معرض تعليقها على الاوضاع في سوريا، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية انه منذ بدء التظاهرات في سوريا قبل 5 أسابيع، نددت الإدارة الأمريكية بالقمع الرسمي لكنها لم تتخذ أية خطوات ملموسة للضغط على دمشق.
ونقلت عن مسئولين أمريكيين قولهم انه ليس للإدارة الأمريكية نفوذ كبير على سوريا الممنوعة من المساعدات الأمريكية وكل الاتفاقيات التجارية الثنائية بعدما اعتبرتها وزارة الخارجية الأمريكية دولة راعية "للإرهاب".
وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية "لدينا عقوبات، ويمكن أن نبحث إن كانت توجد سبل إضافية لتعزيز الضغط لكن لا أفصح عما إذا كان ثمة أي شيء كبير في هذا المجال".
ولفتت الصحيفة إلى انه خلافا لرفضها الحازم للحكومات القمعية في الدول العربية مثل مصر والبحرين، وبعيدا عن تدخلها المباشر في ليبيا، فقد قاومت إدارة أوباما توجيه لوم للرئيس السوري بشار الأسد الذي وصل إلى السلطة قبل 10 سنوات بعد رحيل والده حافظ الأسد الذي حكم 3 عقود.
واعتبرت انه اعتمادا على ما يحصل في التظاهرات التي ستشهدها سوريا اليوم الجمعة، قد يضغط بعض أعضاء الكونجرس لفرض عقوبات أقسى على سوريا.
من جانبها، رحبت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها جيدو فسترفيلي برفع حالة الطوارئ في سوريا، حيث وصفها بأنها "خطوة أولى في الاتجاه الصحيح".
وشدد فسترفيلي في الوقت ذاته على ضرورة أن تصاحبها إصلاحات سياسية سريعة، مع وقف أعمال العنف والإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وفقا لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
بدورها، دعت منظمتا العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" السلطات السورية إلى عدم قمع التظاهرات المقررة الجمعة، والتي قد تكون بحسب هاتين المنظمتين المدافعتين عن حقوق الإنسان "أكبر تظاهرات يشهدها البلد حتى الآن"، بحسب الوكالة.
ونقلت الوكالة عن مدير منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط مالكولم سمارت قوله إنه "يتحتم التعاطي مع هذه التظاهرات بذكاء وباحترام القانون الدولي، لتجنب سفك مزيد من الدماء في شوارع سوريا".
وبحسب منظمة العفو، فإن 228 شخصا على الأقل قتلوا منذ منتصف آذار/مارس في سوريا، مشيرة إلى أن الجمعة "سيشكل اختبارا حقيقيا لصدقية الحكومة السورية فيما يتعلق بتطبيق الإصلاحات".
وفي السياق ذاته، رحب رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح للوكالة "برفع حالة الطوارئ وإلغاء العمل بمحكمة أمن الدولة السيئة السمعة والصيت"، معتبرا أنها "خطوة ايجابية"، داعيا إلى الإفراج عن مئات المعتقلين والسماح للمنفيين بالعودة إلى البلاد دون خوف من الاعتقال.
فيما اعتبر الناشط الحقوقي والمعارض السوري هيثم المالح أن "إنهاء حالة الطوارئ خطوة ليست سيئة، لكنها ليست كافية ولا تلبي إلا جزءا يسيرا من مطالب الشارع السوري" الذي "لن يقف عند هذا الحد،" بحسب تعبيره.
أما ناشط الانترنت السوري ملاذ عمران الذي أصبح احد ابرز رموز الحركة الاحتجاجية في سوريا على الشبكة العنكبوتية، فاعتبر أن "رفع قانون الطوارئ لا يغيّر أي شيء لأن أجهزة الأمن لا تخضع لأي قانون. اليوم الشعب السوري فاقد الثقة كليا بالنظام،" وكل ما أعلنته الحكومة من إجراءات "لا تفيد أبدا".
مراسيم تشريعية
[الرئيس السوري بشار الاسد]
الرئيس السوري بشار الاسد
وكان الأسد قد وقع الخميس على مرسوم تشريعي انهى حالة الطوارئ في البلاد، والمستمرة منذ عام 1963.
وأصدر الرئيس السوري مراسم تشريعية اخرى تقضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة استثنائية لم تكن واردة في الدستور السوري، وبتنظيم حق التظاهر السلمي للمواطنين، بوصفه "حقا من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها الدستور".
وتعتبر هذه المراسم التشريعية نافذة منذ صدورها وعلى أن تحال إلى مجلس الشعب السوري في أول جلسة يعقدها لإقرارها والمتوقعة بداية شهر مايو/ أيار القادم.
وكانت تظاهرات احتجاجية قد اندلعت في العديد من المدن السورية، مطالبةً بإنهاء حالة الطوارئ وإلغاء المحاكم الاستثنائية وإطلاق الحريات السياسية. وقد أدت هذه التظاهرات إلى سقوط أكثر من 250 قتيلاُ من المدنيين وقوات الأمن والجيش.
وكان مجلس الوزراء السوري قد اقر يوم الثلاثاء سلسلة من مشاريع القوانين تقضي بإنهاء حالة الطوارئ التي ظلت سارية المفعول في البلاد منذ نحو نصف قرن وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا.
ولكن هذه الخطوات اقترنت بتشريع جديد يلزم السوريين بالحصول على اذن حكومي للتظاهر بعد ان اقر المجلس مشروع قانون تنظيم حق التظاهر السلمي على الاراضي السورية.
ولم يمنع ذلك خروج مظاهرات مطالبة بالديمقراطية في سوريا بعد قرار الحكومة رفع حالة الطوارئ، وذكر ناشطون ان المئات خرجوا في بانياس وهم يهتفون "لا سلفيون ولا اخوان، نحن طلاب حرية".
وكانت وزارة الداخلية السورية اصدرت بيانا دعت فيه المواطنين الى عدم التظاهر. وجاء في البيان ان ما يحصل في مدينتي حمص وبانياس من هجمات على عناصرِ الجيش هو "تمرد ٌمسلح" تشنه "مجموعات سلفية" تروع المواطنين.